وكان التشيع الاثني عشري موجودا حينذاك في عدن بسبب الفرس الموجودين هناك من ناحية، وبسبب الرحلات التجارية التي تأتي من فارس والعراق، ويظهر أنه كانت للشيعة الاثني عشرية خطة تستهدف عدن بالتشيع…
وكان ابن الفضل أديبا فصيحا، وله مكانة في منطقته، ثم سافر إلى العراق لزيارة قبور أئمة الشيعة الاثني عشر، ووصل إلى قبر الحسين فاقتنصه ميمون القداح الذي ينتسب إليه الفاطميون، ورأى في خشوعه وبكائه عند قبر الحسين أنه رجل يمكن الاعتماد عليه هو ومنصور بن حوشب، فأظهر لهما سره، ودعمهما وأمرهما بالذهاب إلى اليمن، ونقلهما من دعوة الشيعة الاثني عشرية إلى دعوة الشيعة الباطنية…
وسره هو ادعاؤه أن ابنه عبيدالله بن ميمون هو المهدي المنتظر عند الشيعة، وأنهما يصيران دعاته في اليمن، وجعل منصورا الأمير وأمره بحسن التعامل مع علي بن الفضل، وأرسل منصورا إلى منطقة في حجة، وأرسل عليا إلى الجند…
فوصل علي بن الفضل إلى الجند سنة 268هـ، ولم يستقر فيها وكانت تحت حكم جعفر المناخي الريمي سلطان العدين، فلم ينجح فيها وانتقل إلى أبين ولم يجد راحة فيها، ثم انتقل إلى جبال يافع في لحج واستقر هناك، وبقي هناك يظهر التعبد للناس والتنسك حتى مال إليه الناس وكانوا في تلك المناطق جهلة رعاع، والعلم عندهم قليل والعلماء معدومون لأنهم حينذاك قبائل بدوية في جبال وعرة…
فعظموه وأحبوه، وكانوا يأتونه بالطعام والهدايا فلا يأخذ منها شيئا حتى زاد إعجابهم به، وتعظيمهم له، وقالوا أن هذا هو العالم الحق، فطلبوه أن ينزل من الجبال إلى قراهم ليكون محترما معظما فرفض وامتنع، فأكثروا عليه وهو يظهر الامتناع حتى قبل بشروط، وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وترك المعاصي وطاعته، فقبلوا، فأمرهم ببناء حصن قوي له في منطقة السرو من يافع…
وقد استمر في تمثيليته هذه عشر سنوات حتى تمكن وصار زعيما لهم وانتقل إلى حصن سرو يافع سنة 277هـ…
وبدأ يسمح لأتباعه بالغزو والإغارة على من لم يتبعه من قبائل يافع وما جاورها، فبدأت الفتن في أيامه، وتعلمت تلك القبائل البدوية التي اتبعته السلب والنهب والقتال وأكل أموال الآخرين وسفك دمائهم باسم الدين…
ثم استغل فترة مجاعة حصلت في بعض البلاد فجهز أتباعه وحرض الفقراء والمعدمين في كل البلاد أن يخرجوا لأخذ حقوقهم وهاجم سلطان لحج وأبين حينذاك وهو ابن أبي العلاء، وانتصر علي ابن أبي العلاء في أول الأمر، ثم دالت الدولة لابن الفضل بخديعة قام بها لما أغار عليهم وهم آمنون وقتلهم…
ووجد مالا عظيما في خزائن ابن أبي العلاء فجهز به المقاتلين الفقراء، وانضم إليه المئات، وقام بحركة اشتراكية هي الأولى من نوعها في اليمن، فقد كان شعاره تقسيم مال الله على عباد الله، واستغل فترة المجاعة الموجودة في اليمن حينذاك، وتحرك باتجاه مناطق تعز وإب بعد سيطرته على لحج وأبين وعدن، وكانت كبرى المدن هناك حينذاك مدينة المذيخرة بين تعز وإب…
فتوجه إليها وقاتل في الطريق كل من وجده من السلاطين والمشايخ، فقاتل الأمير أحمد بن منصور بن أبي المغلس أمير الدملوة وبلاد الصلو من الحجرية، وانتصر عليه وقتله، ثم حاصر الأمير محمد بن الكرندي سلطان المعافر في الحجرية بتعز وانتصر عليه واستولى على بلاده…
وأظهر التشيع في جيشه وكان يلقي عليهم ويبث فيهم شبهه، ولأنهم جهلة رعاع فقد كانوا يقبلون منه أي شيء يقوله ويطيعونه طاعة عمياء، وعاد إلى يافع مهتما ببث أفكاره، ثم تحرك مرة أخرى باتجاه المذيخرة سنة 291هـ، وعسكر بأتباعه في منطقة المعافر بالحجرية بين ذبحان وجبل صبر، وأرسل بالتهديد إلى جعفر المناخي في المذيخرة فتحرك جعفر بجيوشه الكبيرة وتحرك ابن الفضل بجيوشه، وتقابلا في منطقة النجد الأحمر بين إب وتعز، وانتصر المناخي وعاد ابن الفضل إلى يافع مرة أخرى…
ثم عاد مرة أخرى وانتصر على المناخي الذي هرب إلى زبيد عند السلاطين بني زياد، فأمدوه بقوات وسلاح، فعاد إلى المذيخرة وابن الفضل فيها، وحصلت بينهما معركة كبيرة في وادي نخلة في شرعب، وانتصر علي بن الفضل وقتل المناخي، واستقر في المذيخرة…
بعد ذلك قويت دعوة القرامطة في اليمن، فكان علي بن الفضل يحكم مناطق تعز وإب ولحج وعدن وأبين، ومنصور بن حوشب يحكم حجة وعمران والمحويت، وتحركا باتجاه صنعاء كل من منطقته…
فأما علي بن الفضل وهو مدار بحثنا هنا فبدأ بمنطقة يحصب شمال إب فدخل عاصمتها منكث، وانتصر على السلاطين آل الصوار السخطيين حكامها، ثم انتقل إلى يريم فأخذها ووصل إل ذمار…
وفي ذمار وجد جيشا عظيما تابعا لسلطة دولة بني يعفر التي عاصمتها صنعاء، فراسل ابن الفضل حاكم ذمار فاقتنع بدعوته وأعلن تشيعه وفتح المدينة له وسلمها…
ثم تحرك ابن الفضل إلى صنعاء في محرم سنة 293هـ بجيوش عظيمة، فهرب منه حاكم بني يعفر أبو حسان أسعد بن أبي يعفر الحوالي، فدخلها ابن الفضل واستولى عليها وتم ملكه لنصف اليمن…
وكان منصور بن حوشب قد وصل إلى مدينة شبام كوكبان القريبة من صنعاء، فصارت أكثر الجبال بأيديهم، ولم يخرج عن سلطتهم إلا دولتي بني زياد السنية في تهامة وزبيد، والهادي يحيى بن الحسين الشيعي الزيدي في صعدة، وبعض الزعامات والمشيخات القبلية في همدان كالدعام شيخ مشايخ بكيل، والضحاك شيخ مشايخ حاشد، وكذلك بقايا ملوك بني يعفر المتحصنين في الحصون البعيدة…
وفي صنعاء أظهر علي بن الفضل مذهبه الشيعي المتطرف، وأعلن الكفر والانحراف والسب واللعن للصحابة الكرام، وهناك جاءه منصور بن حوشب فاجتمعا في صنعاء بعد دخولهما اليمن بخمس وعشرين سنة…
ثم قرر ابن الفضل أن يتحرك إلى بلاد بني زياد السنية في تهامة لأخذها والقضاء عليهم، فجهز جيشا كبيرا قوامه ثلاثون ألفا وتحرك باتجاه تهامة، فشاغله بعض اليعفريين بمعارك متعددة فلم يستطع تجاوزهم حتى أرسل له منصور بن حوشب جيشا كبيرا لمساعدته، ثم عاد ابن الفضل إلى صنعاء…
ومنها انتقل إلى حراز بين صنعاء والحديدة، وثم ملحان في المحويت، حتى وصل إلى مدينة المهجم في تهامة، وكانت ثاني أكبر مدن تهامة بعد زبيد، وتقع بين المدينتين التي تسمى اليوم اللحية والزيدية، واستطاع أخذها، ثم توجه إلى زبيد فخرج منها السلطان الزيادي، فدخلها ابن الفضل وقتل المئات من أبنائها، وسبى أربعة آلاف امرأة منها، ثم قتلهن جميعا في منطقة تسمى المشاحيط، وأراد الظفر بسلطان بني زياد فلم يستطع، وكان يعرف أنه إن غادر بجيشه تلك المنطقة فإن السلطان الزيادي سوف يعود مرة أخرى إلى زبيد ويدخلها، فلم يظفر به، وعاد إلى المذيخرة عاصمة ملكه، وعاد ابن زياد إلى زبيد…
فلما وصل علي بن الفضل إلى المذيخرة جاءته الأخبار أن تحالفا عقد في صعدة بين الهادي يحيى بن الحسين الزيدي، وشيخ مشايخ بكيل الدعام، والأمير جعفر المناخي الريمي الحميري، وبعض آل ملوك بني يعفر، وأن جيوش هذا التحالف قد دخلت صنعاء في جمادى الآخرة سنة 293هـ، فأمر قواده باستعادتها..
وكان الهادي يحيى بن الحسين أرسل ابنه محمد المرتضى بن الهادي إلى ذمار فاستطاع دخولها مع مقاتليه، ولم يطل أمره فيها فخرج منسحبا بعد هجوم أتباع ابن الفضل عليه فعاد إلى أبيه في صنعاء…
ثم تجمع أتباع بني يعفر لما رأوا الهادي يحيى بن الحسين سيطر على صنعاء واستفرد بالأمر دون حلفائه، فاقتربوا من صنعاء يريدون طرد الهادي منها، فخرج هاربا إلى صعدة، ولم يعد بعدها إلى صنعاء أبدا حتى مات…
ثم هاجم ذو الطوق اليافعي أحد قواد علي بن الفضل صنعاء وفيها بنو يعفر استطاع هزيمتهم ودخول صنعاء وإعادتها لحظيرة ابن الفضل…
فأرسل الهادي يحيى بن الحسين ابنه المرتضى إليها فدخلها وأخرج اليافعي…
ثم أخرج أتباع ابن الفضل المرتضى من صنعاء…
ودخل أبو حسان أسعد بن يعفر بعدها إلى صنعاء وطرد أتباع ابن الفضل…
ثم جاء علي بن الفضل بنفسه بعد أن رأى هذه الاختلالات وعدم قدرة جيوشه على الاستقرار، وأتى بجيش عظيم، واستطاع طرد بني يعفر من صنعاء، ودخلها للمرة الثانية، واستقر فيها ثلاث سنوات، واستقر له ملك اليمن فيها، من سنة 294 وحتى 297هـ…
وهنا خلع طاعة المهدي عبيدالله بن ميمون القداح، وأرسل لمنصور بن حوشب بهذا الأمر فلامه وعاتبه، فقال ابن الفضل أن له أسوة بأبي عبدالله الجنابي مؤسس دولة القرامطة في الأحساء والبحرين حيث دعا إلى نفسه وخلع طاعة المهدي عبيدالله، وطلب ابن الفضل من منصور بن حوشب طاعته والدخول في حكمه وإلا قاتله…
فتحصن ابن حوشب في مسور حجة، وجاءه ابن الفضل فحاصره ثمانية أشهر، ثم أرسل له منصور بالصلح مقابل مال، فاشترط ابن الفضل أن يرسل معه ابنه رهينة فأعطاه منصور ابنه وعاد ابن الفضل إلى صنعاء…
ثم عاد ابن الفضل إلى المذيخرة سنة 297، وترك على صنعاء مولى اسمه الحسن، ثم وثب عليه ابن أبي يعفر وقتله وارسل إلى ابن الفضل بالطاعة، فولاه ابن الفضل صنعاء وجعله حاكما باسم ابن الفضل، فقطع ابن أبي يعفر الدعاء للعباسيين!!
وبعد فترة حصلت حرب بين ابن يعفر هذا وأتباع علي بن الفضل بشبام فخرج وقاتلهم وانتصر عليهم، فغضب عليه ابن الفضل وخرج بجيش كبير من المذيخرة قاصدا صنعاء فدخلها للمرة الثالثة سنة 299هـ، فأقام أياما وولى واليا وعاد إلى المذيخرة..
وبقي فيها وأمره مستقر أربع سنوات، وهو يملك معظم اليمن حتى سنة 303 هـ…
في مطلع القرن الرابع الهجري جاء رجل غريب من العراق يمتهن الطب والجراحة، ويعالج الناس وله خبرة ومعرفة…
وقصد صنعاء في فترة ولاية ابن أبي يعفر عليها لما كان متفقا مع ابن الفضل، فكان يدخل على ابن أبي يعفر ويجالسه، فلما رأى بغضه لابن الفضل وخوفه منه أبلغه أنه إنما أتى من العراق يريد قتل علي بن الفضل لما بلغه من كفره وانحرافه وبلائه على المسلمين…
فوعده أسعد بن أبي يعفر بمقاسمة نصف ملكه وماله إن فعل ذلك الأمر ونجح، وإن مات فشهيد في سبيل الله بإذن الله، فاتفقا على ذلك، وخرج الطبيب إلى المذيخرة، وصار فترة يمارس الطب فيها ويخالط رجال الدولة والوزراء وقواد الجيش ويعالجهم ويصبر بعيدا عن ابن الفضل…
حتى كان شهر جمادى الآخرة سنة 303 هـ حين احتاج ابن الفضل إلى الفصد والحجامة، فذكروا له هذا الطبيب الحاذق، فجاءه وجعل السم في أطراف شعره، ثم قام وأخذ المبضع (الموس) وجعله في فمه كما جرت العادة أمام الملوك لتطمينهم، ثم مسح به شعره المملوء سما كأنه يجففه، ففصد ابن الفضل في أسفل ساقه (في الكاحل) وربطه، ثم خرج…
وتحرك من فوره هاربا من المذيخرة إلى صنعاء، وبعد ساعة شعر ابن الفضل بالسم، فأمر بإحضار الطبيب فبحثوا عنه فلم يجدوه، وعلموا بهروبه فأرسلوا في طلبه بسرعة، وأمر ابن الفضل بقتله حيثما وجدوه، فوجدوه في منطقة السحول القريبة من يريم، فقتلوه رحمه الله…
ومات ابن الفضل من يومه، بعد أن بقي قرابة العشرين سنة يعيث في اليمن فسادا…
ولما بلغ خبر موت ابن الفضل في المذيخرة فرح أسعد بن أبي يعفر فرحا شديدا، ودخل صنعاء، وأقام حلفا جديدا بين القبائل والمشايخ لاجتثاث القرامطة من اليمن، فتحالف معه مشايخ ذمار بعد أن دخلها في طريقه للمذيخرة، ثم ملوك يحصب وخبان آل السخطي والتراخم، وكذلك مشايخ آل الكلاع في العدين وإب، وشيخ شرعب عبدالله بن يحيى بن أبي الغارات المجيدي، وشيخ المعافر بالحجرية أحمد الكرندي، وشيخ ماوية عبدالله السكسكي، ثم وصل إليهم ملك زبيد وتهامة إبراهيم بن محمد بن زياد، فكان جيشا عظيما كله من أهل السنة (بخلاف المرة الأولى التي كان الهادي عضوا في الجيش، وتسبب في فشله بسبب الخلاف بين السنة وبينه، رغم أنهم طلبوا منه بيان عقيدته قبل الحلف وأنه من السنة والجماعة فأرسل لهم يبين عقيدته بكلام موهوم، فلما صاروا في صنعاء استأثر بالأمر فحصل بينهم الحرب والفساد والقتال)…
واجتمع هذا الجيش العظيم في السحول، وتوجهوا به إلى المذيخرة فحاصروها، وضربوها بالمنجنيق وفيها أولاد علي بن الفضل، واستمر الحصار طويلا مدة سنة تقريبا، حتى دخلها الجيش الفاتح بالسيف قهرا في رجب سنة 304هـ…
فقتل الملك أسعد بن أبي يعفر من قدر عليهم من قادة القرامطة وكبارهم، ومنهم اثنين من أولاد علي بن الفضل، وسبى بنات علي الثلاث فوهب واحدة منهم لابن أخيه، واثنتان أخريان لاثنين من مشايخ اليمن المرافقين له، وحصل على مال كثير ففرقه بين الملوك والمشايخ والجيوش الموجودة، وعاد إلى صنعاء بعد أن ترك واليا في تلك المناطق، ودان له المشايخ بالطاعة، وعاد إلى صنعاء ومعه بعض كبار القرامطة، فقتلهم وأرسل برؤوسهم إلى مكة المكرمة في أربعة صناديق فنصبت هناك في الموسم…
وقد حصلت انتفاضتين من أتباع القرامطة في سرو حمير وسرو مذحج، فأرسل لهما أسعد بن أبي يعفر جيشا فقضى على فتنتهم، واستقر الأمر لابن أبي يعفر في معظم اليمن من صنعاء حتى عدن، وكان جميع المشايخ تحت طاعته إلا أولاد الهادي يحيى بن الحسين في صعدة، والذين دخلوا بدورهم في مواجهات مع أتباع علي بن الفضل من القرامطة في نجران وصعدة استمرت سنوات، فانشغل كل فريق من الشيعة بأخيه…
وهكذا انتهت فتنة ابن الفضل تماما، وبموته ماتت دولتهم ولم تقم لها قائمة، والحمد لله رب العالمين…
مراجع ومصادر:
1- قرة العيون بأخبار اليمن الميمون لابن الديبع…
2- اللطائف السنية في أخبار الممالك اليمنية لمحمد الكبسي…
3- أشعة الأنوار على مرويات الأخبار للعلامة محمد بن سالم البيحاني…
4- العسجد المسبوك فيمن تولى اليمن من الملوك لعلي لخزرجي…
كل هذه الكتب في مظان الخبر المعروفة من منتصف القرن الهجري الثالث وحتى الربع الأول من القرن الهجري الرابع…
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعليق على مداخلة في الموضوع عن المتسبب الحقيقي في مقتل ابن الفضل:
نعم في المسألة خلاف، ولكن كبار المؤرخين على أن قتل ابن القاسم كان على يد طبيب اتفق مع علي ابن الفضل…
قال ابن الديبع في قرة العيون: (وفي مدة نيابة أسعد بن أبي يعفر لعلي بن الفضل قدم رجل غريب من أهل بغداد يزعم أنه شريف، فصحبه أسعد واختص به، وكان ماهرا في الجراحات، فلما رأى شدة خوف أسعد بن الفضل قال له: قد عزمت أن أهب نفسي لله وللمسلمين وأريح الناس من هذا الطاغية، فقال له أسعد لئن فعلت ثم عدت إلي لأقاسمنك فيما أنا فيه، فعاهده على ذلك،ثم قصد المذيخرة… الخ، قرة العيون ص 177
وقال محمد بن إسماعيل الكبسي في اللطائف السنية: (وفي سنة ثلاث وثلاثمائة أراح الله العباد والبلاد بهلاك الطاغي علي بن الفضل على يد شريف حسني وصل من العراق إلى الأمير أسعد بن أبي يعفر وهو وال بصنعاء من ابن الفضل، فوجده في غاية الخوف من علي بن الفضل متوقعا لنازلة تنزل منه، فقال هذا الشريف لأسعد أنا أقتله بالسم، فقال له: إن فعلت ونجوت سالما قاسمتك ملكي، وإن قتلت فما عند الله من الجزاء الأوفر خير وأبقى، فعزم الشريف إلى حضرة ابن الفضل… الخ، اللطائف ص 47
وقال العلامة البيحاني في أشعة الأنوار: (وجاء رجل مغربي طبيب أو متطبب واتصل بصاحب صنعاء أسعد بن أبي يعفر، وتخابرا في قتل علي بن الفضل، ووعد اليعفري هذا المغربي بمال كثير وبمشاطرته له في كل شيء إن هو قتل علي بن الفضل ونجا من شره، فجاء إلى مذيخرة… الخ، الأشعة ص320
وهذا هو الصحيح المشتهر أنه طبيب عراقي وقد اتفق مع ابن يعفر، وقد وهم البيحاني في نسبته للمغرب…
وإن كان بعض المؤرخين نقل خبرا آخر عن أن ذلك الطبيب العراقي مرسل من المهدي عبيدالله بن ميمون القداح بسبب غضبه من خروج ابن الفضل عن طاعته، ذكر هذا الحسين بن فيض الله الهمداني في كتابه (الصليحيون)…
وقد أشار العلامة إسماعيل الأكوع في هجر العلم ومعاقله إلى وجود اختلاف بين المؤرخين في مقتله فقال: (وكان أسعد قد استولى على ملك علي بن الفضل بعد وفاته، على اختلاف في أسباب الوفاة، وإذا كان بالسم فمن هو صاحب الرأي والمنفذ) الهجر 2/1013
وتوجد رواية أخرى تشير إلى مقتله بالسم وردت في كتاب (تاريخ وصاب) وأن مجموعة من العلماء المنكرين لأباطيل ابن الفضل قدموا له طعاما مسموما وقالوا: إن أخبره الطعام أنه مسموم سكتنا عن الإنكار عليه، وإن لم علمنا أنه شيطان، ففعلوا ذلك فمات…
وأما إشارة إسماعيل الأكوع إلى طريقة موته بغير السم، فربما يشير إلى ما ورد في كتاب (سيرة الهادي) من أن موت ابن الفضل كان طبيعيا، قال صاحب السيرة: وأصاب ابن الفضل مرض في بطنه فتفجر من أسفل بطنه وأماته الله على أسوأ حال…
وهذا ما رجحه المؤرخ محمد بن علي الأكوع في تعليقه على قرة العيون، هامش ص 178
وفي جميع الأحوال فإن الذي اجتث القرامطة من اليمن هو أسعد بن أبي يعفر رحمة الله عليه، قال الهمداني صاحب الإكليل، وكان معاصرا له: (وأسعد هو أبو حسان ملك عصرنا، وذهب على من قبله بالصوت، وهو الذي اجتث عرقاة القرامطة باليمن، وهو فارس حمير في عصره…)
ولدي ترجيح في الموضوع، وهو أنه يمكن الجمع بين القولين الذين ينسبان قتل ابن الفضل إلى طبيب مرسل من ابن يعفر أو المهدي ابن ميمون، فيكون الطبيب جاء من بلاده وقد أرسله ابن ميمون، فلم يظهر هذا الأمر فلما وصل صنعاء وكانت تابعة لابن الفضل وواليه عليها ابن يعفر، وعرف بغض ابن يعفر لابن الفضل ورغبته في التخلص منه، أظهر الطبيب له أنه مستعد لهذا العمل دون أن يخبره بأنه مرسل من ابن ميمون، فوعده ابن يعفر بالمشاركة في المال والملك إن فعل، ففعل ثم قتل، فكان للجميع دور في مقتل ابن الفضل والله اعلم …
الإثنين 19 فبراير 2024, 11:20 pm من طرف الشادي
» منصة وصفحة مجانية لكل مدرس ومدرب بشبكة اقراء
الثلاثاء 28 سبتمبر 2021, 2:38 pm من طرف sakr75
» صفحتنا على الفيس بوك
الأربعاء 18 أغسطس 2021, 11:38 pm من طرف الشادي
» 3 صور بدقة عالية لمدينة يريم
الإثنين 22 فبراير 2021, 9:30 pm من طرف الشادي
» تراحموا #دثرني #منتدى_شباب_يريم
الثلاثاء 10 نوفمبر 2020, 8:43 pm من طرف الشادي
» الظفائر الفنان علي مجاهد
الثلاثاء 10 نوفمبر 2020, 8:01 pm من طرف الشادي
» يمكنكم زيارة صفحة منتدى شباب يريم على الفيس بوك و التويتر
السبت 21 يوليو 2018, 4:19 am من طرف الشادي
» اغبى خمسه اسئله في العالم بس اتحداكم تجابوها
السبت 21 يوليو 2018, 4:04 am من طرف الشادي
» موقع التواصل الإجتماعي عرب جرامز
السبت 21 يوليو 2018, 3:54 am من طرف الشادي